” صبّحك بنجور ستنا بيروت” هكذا كان يُطل (دويك) على شاشة تلفزيون لبنان, منتقدا ًمجتمعاً كان قد بدأ تحلله الأخلاقي, بإسلوبِ .طريف ٍ ظريف, لو أعاره أحدٌ من شعبنا (المعتر) إهتماماً لربما ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. قال كلمته وأسدل الستار فنعاه لبنان. رحل الممثل الكوميدي عبد الله حمصي عن عمر ناهز٨٦ عاما. وكان قد اشتهر بشخصية (دويك) وشكل مع الفنان صلاح تيزاني أشهر فرقة كوميدية تلفزيونية حملت اسم فرقة (أبو سليم الطبل). أمضى عبد الله حمصي أكثر من ٦٠ عاما في العمل التلفزيوني والمسرحي والسينمائي زارعاً البسمة والضحكة على وجوه الكبار والصغار.
وُلد الراحل عام ١٩٣٧ في طرابلس لبنان. ومنُذ كان في الخامسة من العمر عشق الفن و رياضة كمال الأجسام وفاز ببطولة الشمال سنة ١٩٥٥، كما كان يمارس السباحة وحصل على ميدالية في مسابقة من القلمون إلى الميدان. كان راحلنا الكبيريهتم بالفولكلور والتراث، بالإضافة إلى ذلك فقد تعلَّم السيف والترس وتابع الزجل اللبناني.
بدأ مشواره الفني وهو في الخامسة عشر من عمره كممثل مسرحي في فرقة كشافة الجراح الفنية التي قادها الفنان صلاح تيزاني، وبعد ذلك ساهم في تأسيس فرقة خاصة تحت اسم “كوميديا لبنان”.بعدها احترف الفن من خلال “القناة السابعة” على تلفزيون لبنان وظهر في صورة “أسعد القروي”. وفي عام ١٩٦٦ قام الفنانان عوني المصري وعبد الكريم عمر بتحضيرعمل مسرحي قدم على مسرح الفرير طرابلس فنصح عبد الله حمصي أعضاء الفرقة بالذهاب إلى تلفزيون لبنان، وبالفعل تم قبول الفرقة وأصبحت تقدم عروضًا على الهواء مباشرةً تحت مسمى “فرقة أبو سليم الطبل”. كانت الفرقة مؤلفة من ٢٧ ممثلًا، ومن أبرز شخصياتها: أبو سليم وأسعد وفهمان ودرباس وشكري شكرالله وجميل وأبو نصره.
عام ١٩٦٠ أسس فرقة الفنون الشعبية التي قدمت نُخبة من المواهب الشابة، كما قدمت العديد من الأعمال التي انفرد ببطولتها سواء على مسرح الرابطة الثقافية في طرابلس أو غيره من المسارح، كما قدم ما يزيد عن ١٧٠٠ ساعة تلفزيونية، وما يزيد عن ستين مسرحية، و أكثى من ٣٠٠٠ حلقة إذاعية.
شارك في أكثر من ١٥ فيلمًا سينمائيًا، أبرزها “بنت الحارس” و”سفر برلك” لبركات ومن بطولة السيدة فيروز، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من المهرجانات منها مهرجانات طرابلس التي انطلقت عام ١٩٦٩ ومهرجانات بعلبك.
شارك عبد الله في مجمل الأعمال التلفزيونية مع صلاح تيزاني (أبو سليم)، وفي “عزيزتي مروة” بطولة سميرة بارودي، و”المنتقم” لإحسان صادق، و”قصص حب” لأنطوان غندور، ومسلسل “صح النوم” مع الفنان دريد لحام، ومسلسل “دويك يا دويك” إخراج باسم نصر ومسلسل “مالح يا بحر” للكاتب مروان العبد ومن أعماله في الإذاعة “ديوك الحي الله معكم” من تأليف فاروق الأحدب وجلال الرفاعي، “قهوة مرة يا إسكندر”، بالإضافة إلى عدة أعمال لجورج يمين ويعقوب الشدراوي وانطوان غندور، كما قدم في الفترة الأخيرة “الناس أجناس”.
والتكلم عن أعماله وموهبته الفريدة فد يطول ولا ينتهي وفي هذه اللحظة يعجز الكلام عن وصف شخص مثّل حقبة جميلة في حياة الكثرين, حقبة ولت ولن تعود. وداعاُ دويك … بيروت ستفتقدك وتفتقد “بونجورك”.