لقاء مع شاب مليء بالحياة, وجه من وجوه الثقافة والنضال الوطني
عندما تسمع أحدهم يتكلم عن مدير عام المكتبة الوطنية، قد تتخيله شخصًا عجوزًا أكل الزمن عليه. لكن ذلك لم يكن صحيحًا عند لقائي بالدكتور حسان عكرا. فهو شاب في الثلاثينات، ديناميكي ومليء بالحياة, وجه من وجوه الثقافة والنضال الوطني.

حول كوب من العصير الطازج، كان لي معه لقاء شيق. تحدث عن مسيرته الثقافية، وبالأخص عن المكتبة الوطنية التي تسلم إدارتها العامة في شباط 2018، أي قبل افتتاحها بحوالي عشرة أشهر بعد أقفال دام أكثر من أربعة عقود.
تاريخ المكتبة الوطنية
في سنة 1976، تم توضيب الكتب بعد سرقة بعضها واحتراق البعض الآخر بسبب الظروف الأمنية التي دمرت البلاد، خاصة وسط بيروت التجاري. في الماضي، كانت المكتبة الوطنية تابعة لوزارة التربية، وكان يديرها أمين عام المكتبة.
عند تأسيسها في 1921 على يد فيليب دو طرزي، كانت المكتبة تحتوي على عدد كبير من الكتب المتاحة للاستعارة، وكان مقرها في دار الكتب الكبرى قبل نقله إلى الطابق الثاني من مبنى المجلس النيابي.
تحوّلها إلى مؤسسة عامة
في سنة 2000، وخلال القمة الفرانكوفونية، اقترح السيد غسان سلامة تحويل المكتبة الوطنية إلى مؤسسة عامة مستقلة تحت وصاية وزارة الثقافة. الهدف كان إنشاء مجلس إدارة يرأسه مدير عام لتحديد السياسات الثقافية وتطبيقها.

في 2008، وُقع المرسوم الخاص بتأسيس المؤسسة في مجلس النواب. بعدها بدأ العمل على ترميم المبنى الحالي، وهو المبنى الذي كان مدرسة الفنون والمهن وتحول إلى كلية الحقوق في 1959.
إعادة تأهيل وحفظ التراث وجه من وجوه الثقافة
تم إخراج محتويات المكتبة من المستودعات حيث خُبئت إبان الحرب، وعددها حوالي 300000 كتاب، مخطوطة، ولوحة زيتية لكبار فناني لبنان كفروخ والجميل وجورج وداود القرم. أُعيد تأهيلها وأُرشف جزء كبير منها.
بالإضافة لذلك، تم جمع كتب ومخطوطات جديدة عبر التبرعات وبعض دور النشر التي تلتزم بتقديم نسختين من كل مطبوعة.
المسيرة العلمية للدكتور حسان عكراو وجه من وجوه الثقافة والنضال الوطني
بدأ الدكتور حسان دراسة الحقوق، لكنه بعد السنة الثانية التقى بصديقة تدرس علوم الآثار، فافتتن بفكرة التنقيب واكتشاف التاريخ عبر الآثار. قرر تغيير مساره والدراسة في علم الآثار في الجامعة اللبنانية.
سافر بعدها إلى فرنسا، والتحق بمدرسة الدراسات العملية العليا لتحضير شهادة الدكتوراه في علم العملات القديمة. عمل في المديرية العامة للآثار بوزارة الثقافة، ثم كمدرب ومُحاضر في الجامعة اللبنانية. بعد إنهاء الدكتوراه، عرض عليه العمل في فرنسا لكنه فضل العودة إلى وطنه، وتزوج في 2014.

إدارة المكتبة الوطنية وتحدياتها
في 2018، تسلم إدارة المكتبة الوطنية، وبدأ تطويرها لتصبح مكتبة إلكترونية، بمساعدة 27 متعاقد بدل 70 موظفًا من داخل ملاك الدولة. النقص في عدد الموظفين والشح المادي يجبره على فتح أبواب المكتبة من العاشرة والنصف صباحًا حتى الثانية بعد الظهر.
تنظم المكتبة نشاطًا ثقافيًا كل خميس الساعة السادسة مساءً، لتعزيز الثقافة وإتاحة المعرفة للزوار.
أمنيات المدير
إختتم لقاءنا بأمنيتين: الأولى، أن يستطيع فتح أبواب المكتبة الوطنية إلى منتصف الليل. والثانية، أن يتحقق كل ما ناضل له من أجل هذا الوطن.
هذه الأمنيات تلخص رؤية الدكتور حسان عكرا: تطوير المكتبة لتكون منارة للثقافة والوطنية، تجمع بين التراث والمعرفة الحديثة، وتفتح أبوابها لكل الباحثين عن العلم والإلهام.

1 commentaire
It’s actually a great and helpful piece of information. I am glad that you shared this useful info with us. Please keep us informed like this. Thanks for sharing.