لقاء أول لا يُنسى مع لطيفة اللقيس رئيسة مهرجانات بيبلوس
إلتقيتها للمرة الأولى خلال معرض فني في جبيل. كانت الأجواء مفعمة بالفن والجمال، لكن ما لفتني أكثر هو حضورها. ثقافتها، تهذيبها، وبالأخص لطفها، جعلتني أشعر أنني أمام شخصية مميزة. لم يكن اسمها مجرد صدفة. فهي فعلًا “لطيفة”، كما يُقال اسم على مسمى: لطيفة اللقيس، رئيسة مهرجانات بيبلوس الدولية.

حين طلبت منها حوارًا صحفيًا، رحبت بي في مكتبها الكائن وسط أسواق جبيل القديمة. هناك، وبين جدران تحمل عبق التاريخ، استقبلتني بابتسامة دافئة. وبما أنني لا أشرب القهوة، قدمت لي فنجانًا من الشوكولا الساخنة، شرابي المفضل. لحظة بسيطة، لكنها تختصر الكثير من شخصيتها الإنسانية.
من الجامعة اللبنانية إلى خدمة المدينة
خلال دردشتنا، حدثتني عن بداياتها. بعد أن تركت منصبها في الأمانة العامة للجامعة اللبنانية، شعرت بحاجة إلى أن تقدم شيئًا لمدينتها. لم تكن تبحث عن منصب أو شهرة، بل عن خدمة عامة تنبع من حبها لجبيل.
في عام 1998، تطوعت لمساعدة لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية التي كان يرأسها آنذاك الفنان الكبير روميو لحود. كان لبنان في تلك الفترة يمر بأزمات سياسية واقتصادية عديدة، لكن لحود وأعضاء اللجنة ـ وهم مجموعة من رجال الأعمال المعروفين ـ كانوا يسعون جاهدين لإيصال المهرجانات إلى مستوى عالمي.
تغيرات من رئيسة مهرجانات بيبلوس على مستوى اللجنة
عندما انتُخب الوزير السابق الأستاذ جان لويس قرداحي رئيسًا لبلدية جبيل، أجرى بعض التغييرات داخل اللجنة. استبدل عددًا من الأعضاء، وعيّن المرحوم جان كلود بولس رئيسًا جديدًا. إلا أن فترة رئاسته اقتصرت على سنة واحدة فقط.
وبعد استقالة قرداحي من رئاسة البلدية ليتولى منصبًا وزاريًا، حل مكانه الأستاذ رفايل صفير. عندها، اتخذ صفير قرارًا مهمًا: تعيين لطيفة اللقيس رئيسة للجنة مهرجانات بيبلوس.

رؤية جديدة لمهرجانات بيبلوس
منذ اللحظة الأولى، كانت لديها رؤية واضحة. قررت نقل المهرجانات من القلعة الفينيقية، حيث تنحصر الآثار بالناووس والحفر الأثرية، إلى الميناء القديم. هذا القرار أعاد للمكان بُعدًا تاريخيًا وسياحيًا جديدًا.
كما قامت باختيار دقيق لأعضاء اللجنة، مع تركيز خاص على المنتج. فهو العنصر الأساسي المسؤول عن انتقاء الفنانين وعرض أسمائهم على بقية الأعضاء. تتم دراسة شعبية كل فنان على حدة، سواء في لبنان أو على المستوى العالمي، اعتمادًا على مواقع التواصل الاجتماعي. بعد ذلك، يتم التفاوض حول الأسعار، بحيث تتناسب مع إمكانيات الجمهور من جهة، ومع قدرة المسرح على الاستيعاب من جهة أخرى، خاصة أن مسرح بيبلوس يتسع لخمسة آلاف مقعد فقط.. وهنا يبرز دور المنتج الأستاذ باز، الذي يتواصل مع وكلاء أعمال الفنانين ويتولى عملية التفاوض.
أسرار نجاح رئيسة مهرجانات بيبلوس
تؤكد لطيفة اللقيس أن نجاح المهرجانات لا يعتمد فقط على استقدام أسماء كبيرة، بل على حسن الإدارة. استراتيجيتها تقوم على أربع ركائز أساسية: القدرة على صناعة فريق تقني يعمل على الأرض. التنظيم الدقيق لكل التفاصيل. التعاون وروح التنسيق بين أعضاء الفريق. وأخيرًا، الصبر وطول البال، تقولها بابتسامة عريضة.


لكنني أعتقد أن سرها الأكبر يكمن في صفة نادرة: التواضع. فهي لا تضع نفسها فوق الآخرين، بل تعتبر نفسها جزءًا من الفريق. وهذه الروح الإنسانية هي ما يجعلها قريبة من الجميع، ويمنح المهرجانات روحها الخاصة.
اليوم، تُعد لطيفة اللقيس من الأسماء البارزة في عالم المهرجانات الثقافية. كرئيسة مهرجانات بيبلوس، لم تكتفِ بإدارة حدث فني، بل حولته إلى مساحة للقاء الحضارات، وللتأكيد على دور جبيل كمدينة ثقافية عالمية.
حكايتها مع المهرجانات هي حكاية شغف وحب وانتماء. ومن يراقبها يدرك أن النجاح لا يأتي من الصدفة، بل من المثابرة، والتخطيط، والإيمان بأن الثقافة يمكن أن تكون جسرًا يعبر من خلاله لبنان نحو العالم

3 commentaires
Your point of view caught my eye and was very interesting. Thanks. I have a question for you.
Your point of view caught my eye and was very interesting.
Hi, just required you to know I he added your site to my Google bookmarks due to your layout. But seriously, I believe your internet site has 1 in the freshest theme I??ve came across. It extremely helps make reading your blog significantly easier.