داعش عابرة للأجيال والعنف الطائفي ليس وليد اللحظة
إذا ما تأملنا ما يجري على الساحة العربية من عنف طائفي أو عرقي الطابع، وبحثنا عن أسبابه، فسنجد أن هذا العنف ليس جديدًا. هو ليس من صنع الأيادي الفاعلة فيه حاليًا فقط، بل هو استمرار بدرجةٍ ما لتاريخ فئوي وعرقي متجذر و داعش عابرة للأجيال. لذلك, نحن بحاجة ماسة إلى تجاوز حالة الصراع. علينا أن نرتقي إلى التعايش الراسخ، ونبني هوية وطنية إنسانية، جامعة. هوية تعلو على الانتماءات الفئوية الأدنى

لا بد من فهم الأسباب لا التستر عليها
لكي ننجح في تجاوز الأزمة، يجب أن نعرف أسباب مشكلتنا بدقة. علينا أن نفهم خفاياها، لا أن نغطّيها كما يتستر الجاني على جنايته. فالعنف حين يُكتم، يبقى كالجمر تحت الرماد.. يمكنه أن يشتعل في أي فرصة سانحة
الفتنة الكبرى في دمشق: أدوار خفية
إذا تأملنا في مذبحة المسيحيين في دمشق، نكتشف أن أسبابها لم تكن دينية. بل سنذهل من وضوح الدور الخارجي في إشعالها. في تلك الفتنة، ظهر العاملان المصلحي والتآمري بشكل واضح. دول غربية، يُفترض أنها مسيحية، تآمرت مع مسؤولين عثمانيين وبلطجية دمشق، المعتبرين مسلمين. تم استغلال جهل وفقر هؤلاء السذج بأبشع الأشكال ولأقبح الغايات. وفي المقابل، لعبت أطراف مسلمة دورًا فاعلًا في حماية المسيحيين من الرعاع المدفوعين إلى العنف
الطائفية أداة استعمارية قديمة وداعش عابرة للأجيال

هذه الأحداث المأسوية استغلت الأوتار الطائفية بأخبث الأشكال. اعتمدت الأيادي المغرضة الداخلية والخارجية على واقع طائفي مأزوم. وهو بدوره ناتج عن واقع اجتماعي غارق في البؤس والتخلف.
لبنان بين السبعينيات والتسعينيات
ما حدث في لبنان في سبعينيات القرن الماضي واستمر حتى تسعينياته، دليل صارخ. شهد البلد أعمال عنف وحشي وخسائر بشرية ومادية ضخمة. حتى اليوم، لم يتعافَ لبنان من هذه الحالة الطائفية. لا يزال يعاني من مفاعيلها، خصوصًا من نظام المحاصصة الطائفية، الذي يكرّس الانقسام وينتج فسادًا اجتماعيًا.
سوريا وجرّ الحراك إلى الفتنة
في سوريا، شكّلت الطائفية الأرضية المناسبة لتشويه الحراك الشعبي. بدأ الحراك سلميًا ووطنيًا، لكنّه دُفع بعيدًا عن مساره نحو التخندق الطائفي والعسكرة. ومن هناك، بدأ إنتاج الإرهاب
داعش عابرة للأجيال

ما يجري اليوم في أكثر من دولة عربية، هو تكرار لسيناريوهات الماضي المأساوية. تُستغل استحقاقات الشعوب الوطنية المشروعة في سياقات فاسدة ومأزومة. الجهل، التعصب، الإحساس بالغبن، والذاكرة الناقمة، كلها عناصر تُستخدم لإشعال الفتن. وراء هذه الفتن، تقف شخصيات محلية ومجموعات ذات مصالح خبيثة. تُدار هذه الأحداث وفقًا لمخططات خارجية مدروسة، هدفها السيطرة.
خدمة للاستبداد وتصفية الحسابات
هذا الاستغلال يخدم استمرار الدكتاتوريات العربية، المرتهنة للقوى الأجنبية. كما يندرج ضمن تصفية الحسابات الإقليمية والدولية، والتنافس على النفط والغاز ومناطق النفوذ. إسرائيل بدورها مستفيدة. فبشرذمة الهويات الوطنية، واستبدالها بهويات طائفية وعرقية، يتم إضعاف المجتمعات. الصراع العربي يتحول إلى صراع سني شيعي، وعربي كردي.

النتائج: خراب وسرقة وتهجير
الهدف النهائي؟
سرقة النفط السوري والعراقي. السيطرة على الغاز على طول الساحل اللبناني. تخريب البنية التحتية، إحراق المدن، وسرقة مصانع حلب. تدمير البنية العمرانية والتغيير الديموغرافي في سوريا والعراق، وكذلك أوضاع مخيمات المهجَّرين، كلها ليست أحداثًا طارئة. إنها القصة ذاتها. قصة تتكرّر منذ قرون، وتثبت أن داعش عابرة للأجيال.

3 commentaires
Very interesting details you have noted, regards for putting up.
Thank you for your sharing.
I was very pleased to find this web-site.I wanted to thanks for your time for this wonderful read!! I definitely enjoying every little bit of it and I have you bookmarked to check out new stuff you blog post.