زياد الرحباني : حين يرحل الوطن عن صوته

في صبيحة هذا اليوم الحزين، انكسر وترٌ في قلب لبنان. رحل زياد الرحباني، العبقري الذي لم يألف القواعد، ولم يخضع للزمن، ولم يخشَ الحقيقة. رحل بصمت، كما يليق بالأصوات الكبيرة التي لا تحتاج إلى ضجيج لتُسمع، ولا إلى منصات لتُحترم.
كان زياد ابن فيروز وعاصي، لكنه ما ارتضى يوماً أن يكون مجرد “ابن”. حمل الإرث، نعم، لكنه تمرد عليه، ومشى في طرقات لا تشبه إلا خطواته. كان الوطن في قلبه، وكان الوجع في صوته، وكان الحب في فنه، وكانت الثورة في كلماته الساخرة.
في مسرحه، تكلم الشعب لا الطبقة. في موسيقاه، بكى الحنين لا الأمل الكاذب. وفي مقابلاته، قال ما لا يُقال، وضحك حين بكى الآخرون، وبكى حين صمت العالم. لم يكن فناناً فقط. كان جبهة ثقافية، كان مقاومة ناعمة، كان شظية في صدر القبح.
كان صادقاً أكثر من اللازم
لم يكن يحب المجاملات. زياد لم يكن سياسياً وإن تحدّث في السياسة، ولم يكن فيلسوفاً وإن كتب كالحكماء. كان إنساناً يعرف أن الحب مؤلم، وأن الوطن ليس أمّاً حنونة دائماً، وأن الغياب قد يكون أصدق من الحضور. قال عن الحب: “مش كل الناس متل بعض”، وعن الوطن : “العيشة هون بدها أعصاب مش موجودة عند الإنسان”، وعن نفسه : “أنا زعلان من الحياة”. لكنه كان يُغني. وكان يكتب. ويعزف. وكان يعطي من روحه ما لا يملكه
مسرحه… موسيقاه… مواقفه
من “بالنسبة لبكرا شو؟” إلى “فيلم أميركي طويل”، ومن “عودك رنان” إلى “أنا مش كافر”، خطّ زياد سيرةً ذاتيةً مكتوبةً بماء التمرد والوجدان. شخصياته كانت حقيقية، أليمة، مضحكة، مهزومة، لكنها كانت نحن. دمج بين الجاز والموال، بين العبث والعمق، بين السخرية والحزن، وكأنه كان يبحث عن لغة جديدة، لا يشوبها الكذب، لا يخنقها التكرار. كان المسرح عنده غرفة اعتراف، والموسيقى صلاة شخصية، والكلمة سلاح بلا دم

الغياب الذي لا يُعوّض
رحل زياد، لكن لا أحد يستطيع دفنه. لأنه ببساطة لا يموت. من يستطيع إطفاء صوت بيانو كان يدقّ بصدق؟ أو يستطيع أن ينسى أول مرة ضحك من قلبه على جملة ساخرة في مسرح زياد الرحباني؟ من ينسى نبرة التهكم الممتزجة بالحب، بالغضب، بالأسى؟
الفراغ الذي تركه زياد لن يُملأ. لا بأغانٍ، ولا بأقلام، ولا بتكريمات. لأن زياد لم يكن “فناناً ناجحاً”، بل كان ضميراً متعباً في زمن بلا ضمير
وداعاً زياد الرحباني
أو بالأحرى إلى اللقاء, لمن كان يشبهنا أكثر مما نظن، ويعبّر عنّا أكثر مما نجرؤ، ويحبّنا حتى في لحظاتنا الأكثر بشاعة. وداعاً لمن علّمنا أن نغني للثورة، وأن نبكي للعدالة، وأن نضحك حين نتوجع. زياد، لم تكن مرتاحاً في هذه الدنيا، لكننا كنا نرتاح إليك. واليوم، نغرق في صمتك كما غرقنا سابقاً في موسيقاك. نم كما كنت تريد. على طريقتك. لا ضوء، لا كذب، لا وداع كبير. فقط… حبّ لا يموت

36 commentaires
Enjoyed looking through this, very good stuff, thankyou.
Really nice design and style and excellent written content, nothing else we want : D.
Hello there.
Bedankt voor je inzet.
Merci pour vos efforts
Dein Stil ist einzigartig.
Μου αρέσει ο τρόπος γραφής σου.
thank you for sharing.
Siteniz şiddetle tavsiye edilir.
paylaştığın için teşekkürler.
çok derin.
det är så djupt
Kesin çözüm garantisi.
مرحبا من العراق
deep analysis and very poetic style.
I am beyond turned on, you clearly have a brilliant mind
Harika bir hizmet!
Hızlı ve garantili hizmet.
Great weblog here!
Ayrıca web siteniz çok hızlı yükleniyor! Hangi web barındırıcısını kullanıyorsunuz?
Teşekkür ederiz.
Profesyonel çözümler sunuyoruz. Teşekkür ederiz.
tebrikler.
I desire my website loaded up as quickly as yours lol
I really enjoy looking at on this website , it contains excellent content.
A man of genius has been seldom ruined but by himself.” by Samuel Johnson.
I am beyond turned on, you clearly have a brilliant mind, can I buy you a shot?
Yazılarını okuduğum diğer insanlara kıyasla tarzınız benzersiz.
Fırsat bulduğunuzda paylaşım yaptığınız için çok teşekkür ederim. Sanırım bu blogu yer imlerine ekleyeceğim.
Many thanks for posting when you have the opportunity, Guess I will just book mark this blog
I so loved this!!
ome truly prime articles on this website , saved to bookmarks
çok yardım verici bir eki.
web sitenizi çok seviyorum, çok estetik.
I am truly pleased to read this weblog posts which consistsof plenty of useful information, thanks for providing these kinds of information.
‘apprécie beaucoup ce site web, il propose un excellent contenu.